يعني الحق في الصحة أنّه يجب على الحكومات تهيئة الظروف المناسبة التي تتيح لكل فرد إمكانية التمتع بأكبر مستوى ممكن من الصحة. وتتراوح تلك الظروف بين ضمان الخدمات الصحية وظروف عمل صحية وآمنة وقدر كاف من المساكن والأغذية والأطعمة المغذية. والحق في الصحة لا يعني الحق في التمتع بالصحة.
والجدير بالذكر أنّ الحق في الصحة حق تم إدراجه في العديد من معاهدات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية وكذلك في عدد من الدساتير الوطنية في شتى أنحاء العالم.
ومن الأمثلة على معاهدات حقوق الإنسان التي أبرمتها الأمم المتحدة:
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، 1966
- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، 1979
- اتفاقية حقوق الطفل، 1989
ومن الأمثلة على معاهدات حقوق الإنسان الإقليمية:
- الميثاق الاجتماعي الأوروبي، 1961
- الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، 1981
- البروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (بروتوكول سان سلفادور)، 1988
وتنص المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) على ضرورة اتخاذ خطوات لضمان إعمال الحق في الصحة، منها ما يلي:
- العمل علي خفض معدلات وفيات الرضع وضمان نمو الطفل نموا صحيا؛
- تحسين النظافة البيئية والصناعية؛
- الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها؛
- تهيئة الظروف المواتية لضمان خدمات الرعاية الصحية للجميع.
ولتوضيح الأحكام المذكورة أعلاه وإعمالها قامت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تعمل على رصد الامتثال للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، باعتماد تعليق عام بشأن الحق في الصحة في عام 2000.
ويقضي التعليق العام بأنّ الحق في الصحة لا ينطوي على توفير خدمات الرعاية الصحية في الوقت المناسب فحسب، بل ينطوي أيضاً على محددات الصحة الدفينة، مثل توفير المياه النقية والصالحة للشرب ووسائل الإصحاح الملائمة وإمدادات كافية من الأغذية والأطعمة المغذية المأمونة والمساكن الآمنة وظروف مهنية وبيئية صحية وتوفير وسائل التثقيف الصحي والمعلومات الصحية المناسبة، بما في ذلك في مجال الصحة الجنسية والإنجابية.
يشمل الحق في الصحة، حسب التعليق العام، أربعة عناصر هي:
- التوافر: القدر الكافي من المرافق الصحية العمومية ومرافق الرعاية الصحية والسلع والخدمات والبرامج.
- إمكانية الوصول: استفادة الجميع من فرص الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية، ضمن نطاق الولاية القضائية للدولة الطرف. وتتسم إمكانية الوصول بأربعة أبعاد هي:
- عدم التمييز
- إمكانية الوصول المادي
- الإمكانية الاقتصادية للوصول (القدرة على تحمّل النفقات)
- إمكانية الحصول على المعلومات
- المقبولية: يجب أن تحترم جميع المرافق والسلع والخدمات الأخلاق الطبية وأن تكون مناسبة ثقافياً وأن تراعي متطلبات الجنسين ودورة الحياة.
- الجودة: يجب أن تكون المرافق والسلع والخدمات الصحية مناسبة علمياً وطبياً وذات نوعية جيدة.
ويفرض الحق في الصحة على الدول الأطراف، شأنه شأن حقوق الإنسان كافة، ثلاثة أنواع من الالتزامات هي:
- الاحترام: أي عدم التدخل في التمتع بالحق في الصحة.
- الحماية: أي ضمان ألا تقوم أطراف ثالثة (جهات أخرى غير الدول) بإعاقة التمتع بالحق في الصحة.
- الأداء: أي اتخاذ خطوات إيجابية لإعمال الحق في الصحة.
ويشمل الحق في الصحة أيضاً، حسب التعليق العام، "محتوى أساسياً" يتعلّق بالمستوى الأساسي الأدنى من ذلك الحق. وعلى الرغم من تعذّر تحديد هذا المستوى من الناحية النظرية بسبب الاختلافات القائمة بين البلدان المعنية بإعماله، فإنّ ثمة عناصر أساسية مبيّنة تمكّن من توجيه عملية تحديد الأولويات. ومن المسائل المُدرجة في المحتوى الأساسي الرعاية الصحية الأوّلية الأساسية والقدر الأدنى من الأغذية الأساسية والأطعمة المغذية ووسائل الإصحاح والمياه النقية والصالحة للشرب والأدوية الأساسية. ومن الالتزامات الأخرى اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين في مجال الصحة العمومية. وينبغي أن تتناول الاستراتيجية والخطة الشواغل الصحية للسكان قاطبة، وينبغي أيضاً تصميمهما واستعراضهما على أساس المشاركة والشفافية، كما ينبغي تضمينهما المؤشرات والمعالم التي تمكّن من رصد التقدم بشكل وثيق، مع إيلاء اهتمام خاص لجميع الفئات المستضعفة والمُهمّشة.
ويجب على الدول الأطراف اتخاذ خطوات طبقاً لمبدأ الإعمال التدريجي. ويفرض ذلك المبدأ التزاماً بالمضي قدماً بأسرع وأنجع طريقة ممكنة، وذلك بشكل منفرد أو بفضل المساعدة والتعاون الدوليين، وإلى أبعد حد تتيحه الموارد المتوافرة. ومن الأهمية بمكان، في هذا السياق، التمييز بين عدم قدرة الدولة الطرف على الامتثال لالتزاماتها بموجب الحق في الصحة وبين عدم إرادتها في الامتثال لتلك الالتزامات.
المصدر:منظمة الصحة العالمية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق