الثلاثاء، 14 أبريل 2020

الأوبئة عبر التاريخ


الوباء ليس بموضوع جديد على العالم في العصرالحديث فقد فتكت بالعالم أوبئة منذ القدم وأودت بحياة الملايين من البشر ولا يكاد أحد منا لا يعرف عن الموت الأسود أو الطاعون والذي أتى على أوروبا وأفنى حياة مئات الملايين من الناس والحقيقة أن الأوبئة مازالت موجودة حتى يومنا هذا.
انتشر الطاعون  منذ القدم وحصد ملايين الأرواح، وفي زمن الفتوحات الإسلامية انتشر في بلاد الشام وراح ضحيته الآلاف من المجاهدين المسلمين في مقدمتهم القائد "أبو عبيدة عامر بن الجراح" وكان الطاعون السبب الذي أودى بحياة ملك فرنسا "لويس التاسع" وللطاعون أيضا ً مسميات كالطاعون الأنطوني وطاعون جستنيان والطاعون الأسود وطاعون لندن العظيم وطاعون مدينة مرسيليا الفرنسية العظيم وطاعون منشوريا ، وكان المسبب له هو بكتيريا عصوية تسمى ب Yersinia pests .
وكل مايحدث من أوبئة تسببها كائنات دقيقة لا ترى بعين الإنسان ولا يدركها وذلك لأن تردد الأشياء إما يكون أقل من 400 انجستروم أو أعلى من 700 انجستروم لأن عين الإنسان تستطيع أن ترى بين هذا المجال مابين 400 – 700 انجستروم، أو لا تستطيع عين الإنسان إدراكها لتناهيها ودقتها في الصغر. و ما لا تبصره عين الإنسان عالم كبير جدا ً.
وفي العصر الحديث انتشرت عدة أوبئة منها الحمى الصفراء، الكوليرا، إيبولا، الإيدز، انفلونزا الخنازير، انفلونزا الطيور، والانفلونزا الإسبانية  حيث سببت الجائحة التي انتشرت في عام 1918 والمسبب لهذه الإنفلونزا كان فايروس H1N1 .
تفشت الإنفلونزا الإسبانية في أوروبا في نهاية الحرب العالمية الأولى حيث عاد الجنود إلى مواطنهم جالبين معهم الفيروس لمجتمعات لم تأخذ أي احتياطات. ورغم انتشار هذا الوباء في زمن ما قبل السفر جوا ً كان الوباء قد انتشر إلى جميع أنحاء العالم تقريبا ًخلال ستة إلى تسعة أشهر.
أصابت هذا الجائحة ثلث البشرية مما يعني 500 مليون انسان مصاب في ذلك الوقت ونسبة الوفيات كانت بين 10 إلى 20 % يعني 50 مليون انسان قتل بسبب هذا الفايروس هذا في حال كانت نسبة الوفيات 10 % لأن الدراسات اختلفت في تحديد النسبة بالضبط لكن اتفقت أنها ما بين 10 و20 بالمائة وذلك يعني انه 100 مليون حالة وفاة في عام 1918 في حال كانت نسبة الوفيات 20%. 
تميزت جائحة الإنفلونزا الإسبانية أنها كانت تصيب الأطفال تحت ال 5 سنوات والمسنين فوق 65 عام. وأيضا لاحظ العلماء أنه فيه نسبة وفيات بين فئة من الشباب تترواح أعمارهم بين 20 – 40 كما هو الحال مع وباء كورونا الحالي.
لذلك مُثلت الجائحة بحرف W  أي فيه قمة عالية عند الأطفال وقمة عالية عند كبار السن وقمة عالية والتي هي بالوسط فئة الشباب الذين أعمارهم بين 20 و 40 عام. أي الذين بين 40 و 65 سنة كانت إصابتهم قليلة والذين أعمارهم مافوق 5 إلى 20 سنة أيضا ً كانت إصابتهم قليلة. 


السؤال هنا هو لماذا فئة الشباب أصيبت في هذه الجائحة (جائحة 1918- الإنفلونزا الأسبانية) حيث أنه من المعروف أن الأطفال دون ال 5 سنوات وكبار السن لديهم مناعة ضعيفة.
أجابت أحد الأبحاث على هذا السؤال والتي تقول أن هذا الفايروس يسبب خللا ً في السايتوكينات  أي حاثات الخلايا (الخلايا المناعية) حيث أن ( سايتو – خلية – كين – حاث ). مثلا لدينا المركب الانترفيرون وهو لديه عدة أنواع الفا وبيتا وجاما، وظيفة هذه المركبات تحث الخلايا المناعية على الاستجابة المناعية.
لوحظ أن فايروس الإنفلونزا الأسبانية H1N1 يحدث خلل في السايتوكينات مما يحدث خلل في النظام المناعي وبالتالي يحدث ما يسمى بـ ( Super Infection  ) وهي عبارة عن إصابة أو عدوى بكتيرية ترافق الإصابة بفيروس الإنفلونزا الأسبانية. ووُجد أن ثلث الوفيات والتي تراوحت إجمالا ً في ذلك الوقت مابين 50 مليون إلى 100 مليون  كان السبب الرئيس للوفيات في فئة الشباب كان بسبب العدوى الثانوية أي العدوى الجرثومية والتي كان مسببها بكتيريا ال Streptococcus pneumonia وهي ما تعرف باسم المكورات العقدية الرئوية وهي التي تسبب ذات الرئة ( التهاب رئوي). أي كانت الرئة مكان تجمع الفايروس والجرثومة.
مع تطور الطب ومجال الرعاية الصحية ووسائل نشر المعلومات والتثقيف في عصرنا الحديث أصبحت معدلات الشفاء من الأمراض والأوبئة أفضل بكثير مقارنة بخطورة تفشي الأوبئة في العصور الوسطى، ومما يجعل من فايروس الوباء الحالي خطرا ًهو معدل سرعة انتشاره، فهو ينتشر في العالم كالنار تنتشر في الهشيم وبالتزامنا بالإجراءات الوقائية والاحترازية سوف ننتهي من هذ الأزمة بوقت أقصر من المتوقع بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق